رسالة في تفسير قول الله تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم}
قال الله عز وجل: {ولهُ ما سَكَنَ في الليلِ والنَّهارِ وهو السميع العليم} [سورة الأنعام: 13]
هذه الآية على وجازة ألفاظها تحمل معاني عظيمة تدل على عظيم بيان القرآن
وإعجازه، وهدايته ونوره، وما فيه من البشرى لعباد الله المؤمنين.
وسأجمل بيان ما رأيته فيها من دلالات بيانية، ثم أبين تفسير الآية؛ فإذا لم
يتضح المعنى مع الإجمال، أرجو أن يتضح مع التفسير إن شاء الله، وأسأل
الله التوفيق والسداد.
المعاني البيانية في الآية:
1.الواو في {وله} تحتمل معنيين:
الأول: أن تكون عاطفة على الآية التي قبلها وهي قوله تعالى: {قُلْ
لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى
نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا
رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 12]
أي لله ما في السماوات والأرض وله ما سكن في الليل والنهار؛ فجاء التعبير
عن عموم ملكه بالمكان في الآية الأولى، وبالزمان في الآية الثانية.
الثاني: يحتمل أن تكون الواو استئنافية،
وإذا ثبت عموم ملك الله عز وجل لكل ما حوى الزمان، فقد ثبت عموم ملكه لكل
ما حوى المكان لأن كل منهما يستلزم الآخر، ذكر نحو هذا المعنى أبو حيان
في تفسيره.
2. اللام في: {له} تحتمل معنيين: الملك والاستحقاق.
- على معنى الملك مثل قولنا: المال لزيد، وقول الله عز وجل: {إنّ الأرض لله}
- وعلى معنى الاستحقاق مثل قول الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}
3. (ما) في {ما سكن} تحتمل معنيين:
الأول: أن تكون بمعنى الذي، أي: له الذي سكن.
الثاني: أن تكون مصدرية، فيؤول معنى (ما سكن) بمعنى مصدر الفعل، ولهذا الفعل مصادر متعددة، منه:
الأول: سكن يسكن سكونًا بمعنى ذهاب الحركة، ومنه سكون الحرف.
قال الخليل بن أحمد في العين: " السُّكونُ: ذهاب الحركة". اهـ
ومنه سكون الجوارح والقلب بمعنى الخشوع.
قال ابن الجوزي في نزهة الأعين النواظر: "الْخُشُوع والخضوع يتقاربان يُقَال: خشع إِذا اطْمَأَن. وَقيل: أصل الْخُشُوع: اللين والسهولة.
وَذكر بعض الْمُفَسّرين أَن الْخُشُوع فِي الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه"،
ثم ذكر منها: "وَالثَّانِي: سُكُون الْجَوَارِح. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى
فِي الْمُؤمنِينَ: {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} ، وَفِي حم السَّجْدَة: {وَمن آيَاته أَنَّك ترى الأَرْض خاشعة}". اهـ
الثاني: سكن يسكن سكَنا، ويأتي أيضًا بمعنى ذهاب الحركة لكنه يتضمن كذلك معنى الهدوء والراحة والطمأنينة، ومنه قول الله تعالى: {وجعل الليل سكنا}
وقوله تعالى: {وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم}
قال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: "والسَّكَن: صَاحبك الَّذِي تسكُن إِلَيْهِ فلَان سَكَني، أَي الَّذِي أسكن إِلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيل: فالقُ الإصباحِ وجَعَلَ الليلَ سَكَناً، أَي تسكن فِيهِ الحركات، وَالله أعلم". اهـ
قال الراغب في المفردات: "والسَّكَنُ: السّكون وما يُسْكَنُ إليه". اهـ
وقولهم سكن الدار سكنًا، إذا نزلها بغير ملك، قال الخليل بن أحمد: " والسَّكَنُ: سكونُ البيت من غير ملك إما بكراء وإما غير ذلك". اهـ
الثالث: السكنى، قال محمد بن أبي بكر الرازي صاحب مختار الصحاح: "سكن الدار يسكنها سُكنى". اهـ
ويأتي بمعنى الاستقرار والثبات، ومنه يقال للدار التي يسكنها المرء بدون كراء (حاجة لدفع إيجار) سكنى.
قال الخليل بن أحمد في العين: (والسُّكْنَى: إنزالك إنساناً منزلاً بلا كراء)
واستخرجه أبو حيان من تفسير السدي لقوله تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار}
قال أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: "{وله ما سكن في اللّيل والنّهار} يقول: ما استقرّ في اللّيل والنّهار" . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
قال أبو حيان في البحر المحيط: "وسكن هنا قال السدي وغيره: من السكنى أي ما ثبت وتقرر"
وقال الزمخشري في تفسيره: "ما
سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ من السكنى وتعديه بفي كما في قوله
وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ".
الرابع: سكينة على وزن فعيلة:
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن:"«أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ» مجازه مجاز فعيلة من السكون"، وقال نحوه ابن قتيبة في غريب القرآن.
ومعنى السكينة الوداعة والوقار والطمأنينة.
قال الخليل بن أحمد في العين: "والسَّكينةُ: الوداعة والوقار [تقول] : هو وديع وقور ساكن"
قال ابن قتيبة في غريب القرآن : ({هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} أي السكون والطمأنينة).
الخامس: المصدر الميمي بمعنى المسكن وهو المكان الذي يُسكن، ويأتي بمعنى المصدر: "سكنى"
قال أبو حيان عند تفسير قوله تعالى: {لقد كان لسبإ في مسكنهم آية}
بعدما بين القراءات في {مسكنهم} بالإفراد والجمع، ثم ذكر المعنى على قراءة الإفراد فقال: "ومن أفرد ينبغي أن يحمل على المصدر، أي في سكناهم"
ويأتي مسكنة بمعنى الفقر، ذكره محمد عبد الخالق عضيمة تحت المصدر الميمي.
ومنه قوله تعالى: {وضُربت عليهم الذلة والمسكنة}
قال أبو منصور الأزهري في تهئيب اللغة: "والمَسْكَنَة: الْفقر". اهـ
قال ابن منظور في لسان العرب: "والمسكنة فقر النفس". اهـ
4. الفعل (سكن) يحتمل أن يكون لازمًا يكتفي بالفاعل مثل سكن الغضبُ، ويحتمل أن يكون متعديًا يتعدى للمفعول به مثل سكن زيدٌ الدارَ، وعلى تعديته فالمتعلق (المفعول به) في الآية محذوف، والحذف هنا للعموم.
5. دلالة تقديم الجار والمجرور (له) على المبتدأ (ما سكن) على الحصر.
6. (في الليل والنهار) يعم الزمان كله، فما من لحظة في هذه الدنيا في أي بقعة من الأرض، إلا ويُحتمل أن تكون جزءا من ليل أو نهار.
7. مناسبة ختام الآية: {وهو السميع العليم}، وسيأتي بيانها مع تفسير الآية إن شاء الله.
تفسير قول الله تعالى: {ولهُ ما سَكَنَ في الليلِ والنَّهارِ وهو السميع العليم}[سورة الأنعام: 13]
هذه الآية على وجازة ألفاظها تحتمل معاني عظيمة جدًا
تدل على عظمة بيان القرآن وهداه، وكيف جعله الله نورا ورحمة وبشرى
للمؤمنين، كما تظهر وجها من وجوه عجز مشركي العرب على الإتيان بمثل القرآن،
أو بسورة منه، رغم فصاحتهم، وكيف أن القرآن آية على صدق رسالة محمد صلى
الله عليه وسلم، لأنه كلام الله عز وجل الذي لم يستطع معارضته أفصح أهل
الأرض.
ويمكن تصنيف المعاني التي تحتملها هذه الآية بحسب معنى (ما) في قوله تعالى: {وله ما سكن} وتحتمل معنيين؛ أنها بمعنى الذي، وبمعنى المصدرية، وبيان هذا كما يلي:
المعنى الأول: {ما} بمعنى الذي:
أي أن الله عز وجل {له} أي له ملك كل مخلوق
يسكن في الليل والنهار، وما من مخلوق إلا ويحتمل أن يكون ساكنًا في الأصل
لا يتحرك، أو يكون متحركًا في أصله، وهذا لابد وأن تأتي عليه لحظة من ليل
أو نهار يسكن فيها، فتبين بهذا أن الله عز وجل له ملك كل المخلوقات.
وتقديم الجار والمجرور على المبتدأ (ما سكن) يفيد الحصر.
أي أنه وحده من يملك جميع المخلوقات، وإذا كان يملكها فهو وحده المتصرف فيها، المدبر لأمورها، العليم بحركتها وسكونها.
وإذا استقر في نفوسنا هذا المعنى؛ علمنا أنه وحده من يملك دفع ضرها وأذاها
عن العبد، ووحده من يملك أن يأتيهم بخيرها، فحقيقة النفع والضر بيد الله
عز وجل.
فإذا أردت خيرًا وحبسه عنك خلق الله، ولم تنفع كل أسبابك في تحصيله، فينبغي
أن يكون سؤالك وخضوعك لمن يملك الخلق، لا إلى مخلوق ضعيف لا يملك من أمره
شيئا.
وإذا اشتدّ أذى الناس لك ولم تنفع كل أسبابك في دفع أذاهم عنك، فينبغي كذلك أن يكون خضوعك وتضرعك لله عز وجل لا إلى خلقه.
قال تعالى: {وَإِنْ
يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ
يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107]
وقال: {مَا
يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا
يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ} [فاطر: 2]
المعنى الثاني: {ما} مصدرية، وعليه يؤول معنى {ما سكن} إلى المصدر، ولهذا الفعل عدة مصادر منها:
- السكون ويأتي بمعنى ذهاب الحركة والخشوع والطمأنينة.
- والسكن ويأتي بمعنى ذهاب الحركة والراحة والهدوء والطمأنينة.
- والسكنى وهي المكان الذي يُسكن بلا كراء أي حاجة لدفع إيجار، فهو متضمن لمعنى الثبات والاستقرار.
- والسكينة وهي الوداعة والوقار والطمأنينة.
- والمسكنة وهي الفقر ومنه افتقار النفس.
والله عز وجل وحده هو من يستحق أن يفتقر العبد إليه، ويخضع له، وهو وحده من يملك أن يرزقه السكن والسكينة والسكنى.
والجمع بين هذه المعاني يفيد:
1. إذا أخلص العبد لله عز وجل في افتقاره
إليه وخضوعه له، فهو موعود بأن يغنيه الله من فضله ويرزقه ما يرجوه من
السكن والسكينة والسكنى، ويدفع عنه شر كل ذي شر ويأتيه بكل خير يرجوه حتى
وإن تظاهر كل الخلق على حجبه عنه.
2. إذا أنعم الله على عبده وأعطاه من فضله،
أو دفع عنه شرًا كان يؤذيه، فينبغي أن يعظم نعمة الله عليه، وتزيده
افتقارًا وخضوعًا لله عز وجل، ولا يكون حاله كحال قارون الذي قال بعد ما
أغناه ربه: {قال إنما أوتيته على علم عندي} [القصص: 78]
وقوله تعالى: {فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون}[الزمر: 49]
وكما قال تعالى: {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رُجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} [سورة فصلت: 50]
3. إذا أنعم الله على
عبده وأعطاه من فضله، فينبغي أن يشكر نعمة الله عليه ويستعملها في طاعته،
ويصبر نفسه عن التعلق بها من دون الله عز وجل، وهي فتنة يقع فيها كثير من
الناس.
كما قال تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل
منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت
دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين. فلما آتاهما صالحا
جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون} [سورة الأعراف: 189-190]
وفي قراءة أخرى: {جعلا له شِركًا}
وأما مناسبة ختام الآية: {وهو السميع العليم}
فالله عز وجل هو الذي وسع سمعه كل الأصوات، لا يخفى عليه حركة متحرك، وصوت داع، وهمس الماكرين، والله عز وجل هو العليم الذي أحاط علمه بكل شيء فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
وهذا مناسب لما سبق من المعاني فمن علم أن
الله أحاط سمعه بكل الأصوات وأحاط علمه بكل شيء؛ ازداد خشوعا وافتقارًا
لله عز وجل، وصدق التوكل عليه في تحصيل ما ينفع ودفع ما يضر.
- قال تعالى: {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيّت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا} [سورة النساء: 81]
- وقال تعالى مخبرًا عن سماعه بتدبير قوم صالح لقتل نبيهم: {قالوا
تقاسموا بالله لنُبيِّتنَّه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله
وإنا لصادقون. ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون} [سورة النمل: 49- 50]
- وقال تعالى: {ولا يُحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} [سورة البقرة: 255]
- وقال تعالى: {الله الذي خلقَ
سبع سماوات ومن الأرضِ مثلهنّ يتنزَّل الأمر بينهن لتعلموا أنَّ الله على
كل شيء قدير وأنَّ الله قد أحاطَ بكل شيء علمًا} [سورة الطلاق: 12]
- عن أبي موسى، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال: «اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، تدعون سميعا بصيرا قريبا»، ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال لي: «يا عبد الله بن قيس، قل لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة، - أو قال ألا أدلك به -». رواه البخاري.
- قال الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، قال: قالت عائشة: " تبارك
الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي
بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا
رسول الله، أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي،
ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله} [المجادلة: 1]". رواه ابن ماجة، وصححه الألباني.
وبعبارة مختصرة يمكنك قول أن هذه الآية تدل على معنى: "الله
عز وجل وحده من يستحق أن يصرف العبد إليه سكون جوارحه وقلبه ومسكنته
وافتقاره ومنه وحده ينال العبد سَكَنه وسكينته وسكناه ووحده يملك التصرف في
كل الخلق يدفع عنه ضرهم ويأتيه بخيرهم يسمع دعواته وما خفي عنه من مكر
الماكرين وأحاط علما بكل شيء؛ بحاجة العبد وسؤله وبما في قلب عبده من صدق
الافتقار إليه والخضوع له، وبما يمكر به".
ولعل عطف قوله تعالى: {وهو السميع العليم} على قوله: {وله ما سكن في الليل والنهار} وعطف
الآية كلها على الآية قبلها، ليفيد أن كل معنى من هذه المعاني كافٍ لأن
يقوم في قلب العبد إفراد الله عز وجل بالعبودية ومنها الخشوع له والتوكل
عليه، والله أعلم.
فكيف لمن وقر في قلبه هذه المعاني أن يتخذ من دون الله وليا يزعم أن بإمكانه تدبير أمره ونصره ؟!
وكيف يعصي الله ؟!
وكيف يخاف مكر عباده والله وحده هو القاهر فوق عباده ؟!
وكيف لا يكتفي بالله شهيدًا ووكيلا ويقبل على أمر ربه خاشعا صادقًا مخبتا ؟!
وإذا تبين هذا المعنى علمت مناسبة هذه الآية لما بعدها من الآيات، كما أمر الله عز وجل نبيه أن يقول في الآيات التالية: {قُلْ
أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ
أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ
إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ
يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ
الْمُبِينُ (16) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ
إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ
الْخَبِيرُ (18) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ
شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ
لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ
اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ
وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19)}
والحمد لله رب العالمين.
التعليقات ()